قال: "النوع الرابع: أن يقال: حقيقة الملك والطبيعة الملكية أفضل أم حقيقة البشر والطبيعة البشرية" فننظر إلى المسألة من حيث الحقيقة أو الماهية كما يسميها أهل المنطق، وهل الملك في حقيقته وطبيعته أفضل أم البشر؟ بغـض النظر عن آحاده وأفـراده.
يقول: "وهذا كما أنا نعلم أن حقيقة الحي إذ هو حي أفضل من الميت"، أي: من حيث الحقيقة العامة، "وحقيقة القوة والعلم من حيث هي كذلك أفضل من حقيقة الضعف والجهل" أي: القوة أفضل من الضعف، والعلم أفضل من الجهل، "وحقيقة الذكر أفضل من حقيقة الأنثى، وحقيقة الفرس أفضل من حقيقة الحمار، وكان في نوع المفضول" لعل الصواب: وإن كان في نوع المفضول "ما هو خير من كثير من أعيان النوع الفاضل" أي: فذلك لا يعني أن الأفراد لا يتباينون، "كالحمار والفأرة والفرس الزمِن" والصواب الحمار الفاره، أي: كأن تشتري حماراً فارهاً نشيطاً خير من أن تشتري فرساً زمِناً عليلاً، ففي هذه الآحاد كان الحمار الفاره هو الأفضل، لكن من حيث الحقيقة فإن الناس كلهم متفقون على أن حقيقة الفرس أفضل.
مثال آخر: قال: "والمرأة الصالحة مع الرجل الفاجر" فمن حيث الحقيقة فإن حقيقة الذكر أفضل من حقيقة الأنثى، لكن إذا فاضلنا امرأة صالحة تقية مؤمنة عفيفة، ورجلاً فاجراً خبيثاً سكيراً عربيداً. فلا أحد يفضل هذا الرجل على تلك المرأة، والحاصل أن العبرة ليست بالأفراد.